حينما أمطرت سماء الخليج ماءً أسود !.. كارثة الخليج 1991م

2015-09-30 2015-09-30T06:34:13Z
سنان خلف
سنان خلف
محرر أخبار جوية- قسم التواصل الاجتماعي

موقع ArabiaWeather.com- سنان خلف- في آواخر شهر فبراير من العام 1991م، وقعت أكبر كارثة نفطية عرفتها البشرية، عندما تم تفجير 727 بئرٍ نفطي في أرضي الكويت، مُشعلة بذلك حرائق ضخمة أنتجت سُحباً سوداء كثيفة مُشبّعة بالغازات السامة، غابت معها شمس النهار عن أرض الكويت لفترة زمنية جاوزت الـ 8 أشهر.

 

ليست مُنتصف الليل .. إنها الكويت عند الساعة الـ 12 ظهراً في احد أيام العام 1991م 

 

فتسببت هذه السُحب الدُخانية الكثيفة بحجبها المُتواصل لأشعة الشمس بخفض درجة الحرارة بواقع 4 درجات مئوية، بمُحيطٍ يصل مداه إلى ما يُقارب الـ 1000 كم حول أراضي الكويت، مُسببةً أحولاً جوية شديدة التطرف في منطقتنا العربية والعالم.

 

أمطار سوداء في الخليج وبلاد الشام:

وفي حدثٍ نادرٍ لم تعهده دول الخليج، تساقطت للمرة الأولى أمطار سوداء في شتاء العام 1991م، وذلك نتيجة انضمام مئات الأطنان من الجُسيمات الدقيقية المُتصاعدة نتيجة الحرائق إلى نويّات التكاثف في الغلاف الجوي، إضافة إلى تفاعل الغازات السامة مثل "ثاني أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكبريت وأكاسيد النيتروجين" مع بُخار الماء، لتُكونَ أمطاراً سوداء اللون عالية الحموضة، شديدة الضرر بالبيئة، عملت بشكلٍ مباشر على تدمير التربة والمحاصيل الزراعية وتلويث مصادر المياه السطحية والجوفية على حد سواء.

 

صورة مُلتقطة من "ناسا" تُظهر امتداد سُحب الدخان من الكويت نحو شرق السعودية وقطر والبحرين و الإمارات و الربع الخالي

 

شاهد عيان من الرياض:

وهنا يستذكر خالد القحطاني أحد سُكان العاصمة السعودية، الرياض، تلك الأيام العصيبة قائلاً: كنا في تلك الأيام لا نشتم إلا رئحة الحرائق ولا نرى في الأفق إلا أدخنة كثيفة قادمة من الكويت، أما عن أمطار ذلك العام فلم تكُن بتاتاً كسابق الأعوام، فالسُحب كانت شديدة السواد كليلٍ مُظلم غاب عنه ضوء القمر، أما المطر فكان أشدّ من المُعتاد، يغلُب على لون قطراته السواد، وقد لاحظت ذلك بوضوح على السيارات وطلاء المنازل وحتى على ملابسنا البيضاء.

 

صورة مُلتقطة من العام 1991م تُظهر الآثار التي تركتها الأمطار السوداء على أحد المنازل في الكويت 

 

شهادة عن ثلوجٍ سوداء في الأردن :

المواطن الأردني علاء حرز الله أكد في حديثه لـ "طقس العرب" أن الثلوج الكثيفة التي تساقطت على المملكة في شتاء العام 1991-1992 كانت مُلوثة بدخان الحرائق، فمع الانخفاض الكبير على درجات الحرارة تجمدت المياه داخل الخزانات وانقطعت المياه عن كافة المنازل واضطر الناس لأخذ كميات من الثلوج المتراكمة وتسخينها بهدف الحصول على الماء، لكن الجميع كان يتفاجأ بتحول الثلج لماءٍ لونه أسود!

 

100 ألف قتيل في بنغلاديش وثلوج سوداء على سفوح الهملايا  

كانت سُحب الدخان وما نتج عنها من درجات حرارة مُتطرفة؛ سبباً رئيسياً لحُدوث أعاصير وفيضاناتٍ مُدمرة، خلّفت أكثر من 100 ألف قتيل في بنغلاديش وحدها مطلع  شهر مايو من العالم 1991م.

 

كما تساقطت "ثلوج سوداء" مُلوثة على سفوح جبال الهملايا، فيما لم تقتصر "الأمطار السوداء" على دول المنطقة فحسب، فقد رُصدت كذلك في تركيا واليونان سُحب الدخان المرئي الناتج عن الحرائق على بُعد 2000 كم من الكويت، لتصل إلى الهند والصين وبعض مناطق الاتحاد السوفيتي.

 

 

د.المسند: درجات حرارة ربيعية في منتصف الصيف!

ووصف الدكتور عبد الله المسند، الأستاذ المشارك بقسم الجغرافيا بجامعة القصيم، أن ما تعرضت له المنطقة خلال العام 1991م هو أكبر وأوسع تلوث نفطي في البر والبحر والجو عرفته البشرية، مُشيراً إلى أن الحرائق التي اندلعت في الكويت وما نتج عنها من سُحبٍ سوداء جعلت الكويت تعيش أجواء الربيع في فصل الصيف! حيثُ أثبتت الدراسات أن الحرارة قد انخفضت بواقع 4ْ درجاتٍ مئوية في المعدل العام، أما اليومي فهي بالطبع أكثر.

 

 

حسن عبد الله: الكويت سجلت درجات حرارة لم تسجل من قبل!

أشار المتنبئ الجوي "حسن عبد الله" إلى أن الكويت قد شهدت في بعض أيام شهر أغسطس آب من العام 1991م درجات حرارة ثلاثينية، لم تُسجّل سابقاً، إلاّ في فصلي الربيع والخريف! لافتاً إلى أن معدل درجات الحرارة لشهر أغسطس آب هو 47 درجة مئوية، مُرجعاً هذا التطرف الكبير في درجات الحرارة إلى سماكة السُحب الدخانية التي غطّت الكويت وحجبت أشعة الشمس عنها.

 

 

حتى الحيوانات لم تسلم من هذه الكارثة!

فقد قضت عشرات وربما مئات الحيواناتٍ الأليفة، نحبها اختناقاً بالغازات السامة وأخرى شربت ماء ملوثاً بالنفط وطيور غطتها القطران الأسود السائل، فشلّ حركتها وأجهز على حياتها، ليصل عدد الطيور النافقة آن ذلك لأكثر من 30 ألف طير.

 

صورة لطائر يُصارع من أجل تخليص نفسه من بركة نفطية 

 

أما عن الثروة السمكية فقد كانت الأكثر ضرراً، إذ تسببت البقع النفطية الضخمة المتسربة إلى مياه الخليج العربي بنفوق الآف الأطنان من الأسماك، لينخفض المخزون السمكي في مياه الخليج بشكلٍ واضح العامين 1992 و1993.

 

جانب من التسرب النفطي الذي اشعل مياه الخليج عام 1991م 

 

آثار تدميرية للتربة و الحياة النباتية

وتسبب التسرب النفطي من الآبار المُدمرة بتكوُن 246 بحيرة نفطية غطت مساحة حوالي 50 كيلومتر مربع بكمية نفط تقدر بحوالي 24 مليون برميل. فشكلت هذه البحيرات حاجزاً بين حبيبات التربة وكائناتها من نباتات وحيوانات وحشرات مما سبب خللاً تاماً في النظام البيئي. فكان للنفط تأثير سُمي مباشر على النباتات والحيوانات كما شكلت البحيرات النفطية عازلاً يمنع التبادل الغازي بين النباتات والهواء الجوي.

 

شاهد أيضاً
أخبار ذات صلة
 العاصفة قتلت 8000 مواطن خليجي في ساعة واحدة

العاصفة قتلت 8000 مواطن خليجي في ساعة واحدة

الزلزال الذي أرعب السُكان وشقّق المباني شرق الإمارات عام 2002م

الزلزال الذي أرعب السُكان وشقّق المباني شرق الإمارات عام 2002م

شاهد الفيديو | الرياح القوية والرمال الزاحفة تُهجِر سكان قرية إماراتية حديثة وتخفي ملامحها

شاهد الفيديو | الرياح القوية والرمال الزاحفة تُهجِر سكان قرية إماراتية حديثة وتخفي ملامحها

ماذا تفعل عند حدوث زلزال ؟ وكيف تقي نفسك من مخاطر الزلازل ؟

ماذا تفعل عند حدوث زلزال ؟ وكيف تقي نفسك من مخاطر الزلازل ؟